الرئيسة \  مشاركات  \  معجزة الإسلام المتجددة في قوله تعالى : (إنّا كفيناك المستهزئين)

معجزة الإسلام المتجددة في قوله تعالى : (إنّا كفيناك المستهزئين)

29.10.2020
محمد حمادة



بالأمس في لحظات متابعتي للمظاهرات التي خرجت نصرةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحباً به،وتنديداً بتطاول الفاشي العلماني الفرنسي ماكرون على مقام النبوة تراءى أمامي قوله تعالى في محكم التنزيل: (إنّا كفيناك المستهزئين)، وهي الآية التي خاطب بها رب العزة والجبروت نبيه وحبيبه ومصطفاه محمداً_صلى الله عليه وسلم_ يوم ناداه صناديد الكفر في قريش بلغة الحقد والإقصاء والتشويه والإيذاء، وهي ذات اللغة البذيئة المتطاولة التي كررها الجالس على عرش فرنسا في باريس، فلما تحدث ماكرون الماسوني بما تحدث به عن الإسلاموفوبيا، ولما أعاد نشر الصور المسيئة لجناب حضرة نبينا عليه السلام، ولما شجع كلَّ صحيفة أو مؤسسة في بلاده تعيد نشرها، ولما نسب لنبينا صلوات والله وسلامه عليه النقص والشتائم والإرهاب بأحطّ الألفاظ، ولما انطلقت المظاهرات العارمة تجتاح العالم الإسلامي وتتمدد إلى العالم أجمع، ولما تهاوت هيبة سيد الإليزيه بهذا السيل من الإهانات التي جعلته مادة تلوكها الألسن على اختلافها، وتحتقرها الشعوب على تنوعها، تحرق صوره، وتدوس مجسّماته بالأقدام، ولما حوصر العديد من سفارات فرنسا في عواصم العالم وأحرق بعضها من قبل الغاضبين ثأراً لمقام سيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ولما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالتنديد بماكرون وعلمانيته الفاسدة الملونة، وبحرية تعبيره الخرقاء التي يتشدق بها، والتي تقطع لسان كل من يقترب بالإنكار على مِثْليٍّ شاذ، وتزج بالسجن كل من يتناول السامية بذريعة معاداة السامية، وتُخرس صوت كل من يشكك في الهولوكوست اليهودية، وتَتّهم بالتمييز الجنسي كل من ينال من امرأة حتى ولو كانت معتدية، في الوقت الذي تطلق العنان لألسنةٍ حِدادٍ أن تتهجم على مقام نبينا وقرة عيوننا سيدنا و سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم بباعث الحقد الدفين الذي طمس على قلوب سوداء منتنة،عميت عن رؤية الحق والحقيقة فَضَلّتْ الطريق حتى سترت عورتها بماكياج حرية التعبير الذي ما عادت منه إلا كما تعود عجوز شمطاء من دكان التزيين، فلما استعرضت ذلك كله مقترناً بالانتفاضة الإسلامية تمضي كالبحر الزاخر في كل عاصمة ومدينة وأرض، ترفع شعار (إلا رسول الله) حباً من شعوب المسلمين لخاتم الأنبياء والمرسلين ، وإعلاناً منها عن مقاطعة فرنسا وبضائعها بلا هوادة، وضغطاً من قبلها على قصر الإليزيه وصانعي القرار فيه، وما هي إلا أيام حتى صرخ الإليزيه من الألم على لسان وزير خارجيته، وغرد بالعربية على لسان رئيسه سيء الطلعة والطالع على مواطني بلدته، وظهرت أمارات الاضطراب على ألسنة سياسييه واقتصادييه ومحلّيليه ومراقبيه في شتى المواقع ولولا الكبر لاستغاثوا أدركتُ حينئذ أن قوله تعالى (إنّا كفيناك المستهزئين) لم يتنزّل لخصوص كفار مكة، لكنه لعموم كل متطاول حاقد على مرّ الزمان، وأنّ الله يكفي نبيه عليه السلام وهو راقد هانئ في قبره في المدينة المنورة شر المتطاولين في كل مكان، وألسنة الحاقدين على مرّ العصور والأيام، ويؤدبهم حتى ولو لم يكن ثمة دولة تجمع للمسلمين ما هم فيه من شتات، وتلقم حجراً للأعداء المناوئين حتى ولو كانوا في عواصم الدول الكبرى التي اشتهر عنها العهر السياسي،وترجع هيبة الموحدين حتى وإن قاد الحملة في وجه نبينا وزمن ضعفنا ديكتاتوريات الغرب مجتمعة أو تكاد.
إنّها معجزة باقية متجددة إلى يوم الدين أنه كلما ظهر مسخ في أي أرض أو عصر ألقمته القدرة الإلهية حجراً من سجيلٍ ترسله عبر طيرٍ من لون آخر من طيور الأبابيل تختلف حكايته باختلاف الزمان والمكان والأحوال، لنعلم يقيناً أنّ سلطان الله فوق كل سلطان، وأنّ تعهده بكفاية نبيه عليه السلام من صنوف المستهزئين ماضٍ في كل عصر وأوان، وأنّ مقام نبينا عليه الصلاة والسلام في عليائه في قلوب المؤمنين سيظلّ وضعاً ثابتاً يغيظ الكافرين الحاقدين حتى وإن لم تكن ثمة قوة مادية ظاهرة للمسلمين ترد عنهم غائلة الذئاب والمفترسين، فهل ثمة دليل أكثر جلاء من هذا الدليل على رفعة محمد صلى الله عليه وسلم عند ربه وأمته ولو بعد انقضاء خمسة عشر قرناً من بعثته.
وهل سيجر تطاول ماكرون على نبينا وأمتنا وإسلامنا إلا خسارة عشرات المليارات الشهرية حتى يبصق شعبه في وجهه وينتزعه من قصره بعد أن عجز عن تلبية مطالبهم في تحسين معيشتهم يوم خرج في وجهه ممثلوهم في مظاهرات الستر الصفراء فكيف بعد هذا التسونامي المزلزل الذي لن يكون بعده كما قبله؟.
ووالله إنها لسنة ماضية إلى يوم الدين.
_______________
كتبه محمد حماده في 2020/10/27
1442 من شهر /3/ الموافق 10 ربيع الأنور.